2011/08/09

شخابيط


مثل كل الأطفال ... كنت أحب الرسم .. أرسم شجرة .. قمرا .. سيارة .. منزلا تحيطه بعض الطيور .. بحرا تزينه القواقع و الأصداف .. سمكة تقفز فرحا .. قطة تموء بحنان .. أرسمني طفلا صغير بساقين نحيلتين .. بجواري فتاة صغيرة بضفيرتيها القصيرتين .. فتاة كانت دوما تزيّن رسوماتي .. أرسمها لتكون سببا لوجود الفم المبتسم على وجهي .. أرسمها لتكون مبرري لرسم كثير من الزهور .. لإضافة الألوان المشرقة .. كنت دوما أنتظرها بشغف .. أرسمها مختلفة عن كل من عرفت .. أغضب كثيرا إن اعتقدت احدى زميلاتي أنني أقصدها .. ربما لأنني كنت أعتقد أنها ملاك لا يشبه أحد .. لأنها أجمل من أن تكون مجرد فتاة بملابس المدرسه المخططة من تلك اللواتي يجلسن جواري .. أعرف أنها يوما ستأتي .. لتغير حياتي .. أعرف أنني يوما سأكبر وأقابلها .. وسأخبرها كم انتظرتها كثيرا .. كم حلمت بها .. كم أرقتني .. كم أثارت فضول زميلاتي و غيرتهن

لا أعرف كيف انقلبت حياتي جنةَ .. حين قابلتكِ .. كيف أصبحت كل تفاصيلي مُلونة .. كل لحظاتي زاهية .. أكاد أجزم أنني عدت صبيا صغيرا .. نسيت كثيرا من مشاكلي التي أرقتني كثيرا .. أصبحت أتغاضى عن منغصات حياتي المتعددة .. أصبحت أرى الناس أكثر أملا .. استعدت روحي الطفولية التي كدت أفقدها للأبد .. بعد أعوامي الـ28 ... عدت من جديد .. طفلا مثل ذلك الذي رسمته مرارا فى أوراقي .. بنفس ابتسامته البريئة .. العفوية .. التي لا تعرف التصنع .. ولم تقاسي مرارة تجاربي و أحزان أيامي .. أحمل لكي كثيرا من الحب .. يجعلك حكايتي التي لا تنسى .. و مواقفي التي تمنحني دفعة للمستقبل .. و ثقة فى تحقيق طموحات ما كنت أراها قريبة

الطفلة التي رسمتها يوما .. صارت الآن بين يديّ .. و الحلم الذي تمنيته كثيرا صار الآن واقعا يناديني .. و الحياة التي أردتها صارت الآن تفاصيل أعيشها و أعشقها